19/04/2024 01:25
موريتانيا
التعليم
الصحة
تقنيات المعلومات
البيئة
التنمية و الاقتصاد
الحكم الرشيد
الشباب و الرياضة
المرأة و التنمية
الزراعة
السياحة
الأمن الاجتماعي
الثقافة
 
             
 
         
 
  التعليم  
     
آفاق النظام التربوي
التعليم الحر
التعليم الجامعي
التعليم العام
التعليم التقني و المهني

 

الاستراتيجية الكمية أفرزت ضعفاً في نوعية التعليم  

شهدت موريتانيا منذ ثلاثة عقود تقلبات مناخية قاسية لم يسبق لها مثيل من حيث اتساعها الزمني والمكاني وتأثيرها السلبي في السكان والبيئة، حيث قوة زحف التصحر التي تتحرك بسرعة 10 كلم للسنة قاضية على الأخضر واليابس في أكثر من نصف مساحة البلاد، ومؤثرة بشكل خطير في الماشية والغطاء النباتي وموارد المياه، مما هز نظم العيش وغير المعطيات السكانية للبلد بفعل كثافة الهجرة من الريف إلى المدينة، وتغيرت نسبة البدو الرحل من 80% سنة 1960 إلى 50% فقط سنة 2000.

ونجمت عن هذه التحولات العميقة تغيرات اجتماعية واسعة النطاق فصلت سكان البدو عن نسيجهم الاجتماعي التقليدي بعدما وجدوا أنفسهم  بفعل الظروف القاهرة  في وسط لم يألفوه ولم يتكيفوا مع متطلباته التي تفرض حاجات جديدة وتوزيعاً للأدوار الاجتماعية بتعدد وتنوع المشاكل والمشاغل التي يفرضها الاستقرار في الوسط الحضري. وولد ذلك حالة من الارتباك انعكست على كامل التنظيم الاجتماعي والسكاني للمدن الكبيرة، أبرز ما فيه انتشار أحياء الصفيح واختفاء نظام التكافل الاجتماعي التقليدي في متاهات الوسط الحضري المكتظ بالمشاغل والمشحون بالهموم، وأدى ذلك بدوره إلى استقالة بعض الأسر أو تخليها عن جزء أساسي من دورها التربوي والحضاني موكلة هذه المهمة للمؤسسات الدراسية الحديثة التي لم تكن مؤهلة أصلا لهذا العدد المتزايد من الطلب، خصوصا ما يتعلق منه بالجوانب الضرورية للنمو السليم للطفل نفسيا وعقليا.

ورغم كل ذلك حققت موريتانيا قفزة نوعية على مستوى التعليم الأساسي والثانوي خلال العشرية الأخيرة، وصادقت على جميع الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية المتعلقة بحقوق الطفل، إلا أن هذه القفزة ظلت ناقصة، بل وعديمة الفائدة بوجود نسبة كبيرة من الأطفال لا تزال خارج المدارس، يمكن تخمين عددها في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة، من خلال مراعاة أن سكان موريتانيا البالغ عددهم 163.508.2 نسمة، منهم 44% لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة، في حين لا يصل عدد التلاميذ المسجلين في السلك الابتدائي حسب إحصائيات وزارة التهذيب الوطني لسنة 2005 إلا لنحو 400.394 فقط موزعين على 3347 مدرسة ابتدائية يدرس بها حوالي 3237 معلماً، ويوحي ذلك بأن نسبة الأطفال خارج المدرسة لا تزال مرتفعة جدا لحد مقلق رغم كل القوانين والتشريعات والسياسات التي اتخذت لهذا الغرض. واستفاد أغلب المعلمين الموريتانيين من ذوي التكوين الجيد من خدمة التفريغ التي اتخذت طابعا فوضويا على مستوى الوزارة، وبموجب هذه الخدمة يتم تفريغ المعلم لقضايا إدارية في إدارة أخرى، ما جعل المئات من المعلمين الموريتانيين يعيشون متفرغين بشكل كامل بل إن أغلبهم أصبح يمارس مهنا أخرى، بعيدا عن التعليم.

ولسد الثغرة الكبيرة في النقص الموجود في عدد المدارس لجأت وزارة التعليم الموريتانية في عدة مدارس لتخصيص كل غرفة لثلاثة فصول من مستويات مختلفة تتعلم في وقت واحد، ويطلق عليها “الفصول المدمجة” ولا شك أن هذا النمط غير التربوي أثر كثيرا في مستويات التلاميذ وهو ما كان محل شكوى دائمة من آباء التلاميذ في البلاد الذين لجأ الكثير منهم لتحمل نفقات تعليم أبنائه في المدارس الخصوصية رغم أن مستوياتها هي الأخرى بدأت في التدهور بشكل لا يبتعد عن المدارس الحكومية المجانية، ورغم هذا “الدمج” بين الفصول، فإن سياسة توفير مقعد لكل طفل أدت لنتائج كارثية على مستوى تعليم الأطفال، وعند زيارة الفصول المدرسية في المدن الكبيرة يكتشف ببساطة أن هذه الفصول لا تختلف عن حظائر لحجز الأطفال في أوقات معينة.

الإطار التشريعي

صادقت الحكومة الموريتانية في وقت مبكر على المعاهدة الدولية المتعلقة بحقوق الطفل في 8 ابريل/ نيسان ،1991 كوثيقة بموجبها تلتزم الدولة باتخاذ مجموعة من الإجراءات تجعل الطفل يتوفر على ظروف معيشية وصحية واجتماعية ونفسية مقبولة.

كما صادقت على البرتوكولين الاختياريين المتعلقين بتحريم بيع وبغاء الأطفال وعرضهم في حالة عري وتحريم استخدامهم في النزاعات المسلحة، في سنة ،2002 وتلت ذلك بإقرار البرلمان الموريتاني سنة 2001 لمدونة الأحوال الشخصية، والعمل على إقرار مدونة جديدة للشغل تنسجم مع مقتضيات المعاهدة الدولية لحقوق الطفل والتي تنص على تأجيل سن القبول في عالم الشغل من 14 إلى 16 سنة.

غير أن القرارات التشريعية الأهم في هذا المجال هي ما يتعلق بإصلاح النظام التربوي التي وضعت قيد التنفيذ سنة 1999 والخطة العشرية لتطوير النظام التربوي سنة ،2003 والقانون رقم 54/2001 الصادر بتاريخ 19 يوليو/ تموز 2001 المتضمن إلزامية التعليم القاعدي من ست سنوات إلى أربع عشرة سنة من دون أي تمييز. والقرار ظل حبرا على ورق من دون أن يعرف للتطبيق على الواقع طريقه أبدا رغم مسطرة العقوبات القانونية التي وضعها قانون إلزامية التعليم على الأهالي وأولياء الأمور، فقد ظلت معظم الأسر لأسباب تاريخية وذاتية، وخصوصا في المناطق النائية، تفضل تعليم أبنائها في المحاظر(الكتاتيب) التقليدية المنتشرة في المنطقة، لينضموا لاحقا بسبب من الجفاف والظروف المعيشية الصعبة إلى ركب الباحثين عن لقمة العيش في سوق العمل في المدن الكبيرة، من دون أن تتوفر لديهم الإمكانيات والخبرات اللازمة لذلك.

التعليم القاعدي

وأشار الإطار الاستراتيجي لمكافحة الفقر الذي تبنته الحكومة الموريتانية وجعلته سياسة التهذيب إحدى أولوياتها بالتعاون مع البنك الدولي، إلى ضرورة رفع نسبة التمدرس في التعليم الأساسي إلى 100% في المدة الزمنية من 2001 إلى 2004 ورفع نسبة الاستمرار في المدرسة من 55% إلى 78% لغاية 2010 عبر تعميم المدارس الكاملة الفصول والتخفيض التدريجي لعدد التلاميذ لكل معلم إلى حدود الأربعين تلميذا، وتقليص فوارق الاستفادة بين الولايات داخل الوطن وبين الجنسين وتحسين مستوى المدرسين من خلال إقرار علاوات تحفيزية وتزويدهم بكامل المعدات التربوية. ورغم كل تلك الجهود لم تسفر عن شيء وظلت الأمور إلى ما هي عليه:

اختلالات ونقائص كبيرة تؤثر سلباً في أداء ونجاح هذا القطاع في المهمة الموكلة إليه، من قبيل عدم الصرامة في تحديد ورقابة الأهداف وعدم الشفافية في تسيير الموظفين والمؤطرين ونقص نظام المعلومات الإحصائية وضعف إجراءات إعداد الميزانية السنوية، أضف إلى ذلك تزايد الطلب بموازاة ضعف طاقة الاستقبال لدرجة ترتفع معها نسبة المدارس ذات السلك غير المكتمل إلى (82%) من عموم المدارس الابتدائية الموريتانية، مما جعل الطفل في أغلب الأحوال وخصوصا في القرى النائية لا يترك المدرسة بل هي التي تتركه.

التزايد الكمي هذا الذي ركزت عليه استراتيجية التهذيب الموريتانية، أدى إلى مشكلة أخرى تتعلق بنوعية التعليم المقدم وضعف أدائه والنتيجة المرجوة منه، وهو ما إذا أضفنا إليه تدني مستويات المؤطرين وانعدام التكوين اللازم لهم، نصبح أمام كارثة حقيقية تهدد مستقبل ومصير البلد في الأمد القريب، لدرجة اضطرت معها الوزارة المعنية قبل شهور من الآن إلى التعاقد مع معلمين أجانب للتدريس في المدارس الابتدائية والثانوية. ودخل هؤلاء قاعات التدريس من دون أي تكوين مسبق، بإملاء هذه المرة من البنك الدولي! فضلا عن تعيين المعلمين بالشهادة الابتدائية دون خضوع لأي تكوين علمي أو تدريب على كيفية التعامل مع الطفل واستقباله للمعلومات المدرسية.

الطفولة الصغرى

الطفولة الصغرى هي الأخرى من جهتها، ظلت تعيش تداعيات المحيط الاجتماعي والواقع الاقتصادي والظروف غير الملائمة لعوامل عديدة، بسبب انتشار ظاهرة الطلاق بشكل واسع والوضع الاقتصادي بصفة عامة من جهة، وانعدام البنية التحتية من رياض الأطفال وغيرها من جهة أخرى،

وهو ما يضع في بعض الأحيان الأهداف والغايات التي وضعتها المنظومة الدولية وساندتها التشريعات المحلية، على المحك.

ومع أن التقارير الرسمية تشير إلى تطور ملحوظ في عدد رياض الأطفال الذي انتقل من 9 رياض في سنة 1990 إلى 214 في عام 2005 بمعدل 80 طفلا لكل منها، إلا أن هذه الأرقام لا تنطبق في مجملها إلا على مدينتين فقط هما نواكشوط ونواذيبو،

في حين تبقى بقية المدن الأخرى بعيدا عن الاستهداف، وحتى المدن المستهدفة ينطبق عليها واقع التعليم الأساسي بكل سلبياته بصفة عامة.

المختار السالم

 
Source: inciraq.com/  

 
   

Votre commentaire
 
Nom
Email
Commentaire
 



جميع الحقوق محفوظة 2023 البوابة الموريتانية للتنمية
Tel : 20 30 40 72 - 46 45 31 43 - Fax 525 30 23 - BP 4938
Email : ecms30@gmail.com
Email : ecms30@pmd.mr
Nombre de tous les visiteurs : #
Nombre de visiteur en ligne : #

Powered By: MajorSystems